البعد الاقتصادي لإنجاز المنتخب المغربي بمونديال قطر

الدكتور عبد الرزاق العكاري

على ما يبدو فإن الإنجاز المتميز للمنتخب المغربي في كرة القدم، خلال مشاركته في كأس العالم بقطر ما بين 22 نونبر إلى 18 دجنبر 2022، بوصوله لأول مرة في تاريخه الكروي للمربع الذهبي وتمكنه من إقصاء مبكر لمنتخبات قوية، لن يمر مر الكرام ففي كل الأماكن العمومية ووسط العائلات لا حديث سوى عن هذا التألق والكل يتفنن في شرح الأسباب والمسببات وراءه. ويبقى التساؤل الذي يفرض نفسه كيفية استغلال أفضل لهذا التميز من أجل توظيفه في تطوير الاقتصاد الوطني وكيف يمكن أن تتحول الرياضة إلى دعامة للتنمية المستدامة للبلاد.

تفيد الدراسات الجادة بأن قيمة الصناعة العالمية للرياضة تتجاوز 250 مليار دولار، كما تشكل 2% من الناتج الداخلي الخام عالميا.

وخلال كأس العالم 2018 بروسيا استفادت كل من جامعات البرازيل وإنجلترا وفرنسا ما بين 80 إلى 100 مليون أورو بفعل مشاركتهم المتميزة في هذه الكأس.
وتتضمن السوق الرياضية مجموعة من المكونات من ضمنها سوق ممارسة الرياضة، يشرف عليه في الغالب الحركة الرياضية والأولمبية والخواص من خلال القاعات الخاصة.

وسوق التجهيزات والألبسة الرياضية والذي يعرف ديناميكية مهمة في السنوات الأخيرة بالمغرب من خلال تواجد شركات عالمية.

وكذلك سوق الفرجة الرياضية والذي أخذ أبعادا جد هامة مع حقوق النقل التلفزي التي تشكل المصدر الأول للمداخيل بالنسبة للاتحادات الرياضية دوليا ووطنيا.
بالإضافة إلى سوق الإعلام الرياضي المهتم كثيرا بالمتفرج الافتراضي، وسوق الاستشهار والاحتضان وأخيرا سوق عمل الرياضيين

وبصفة عامة على الصعيد الوطني، هناك أربعة أطراف فاعلة في تمويل الرياضة أولاها الدولة والتي يجب الإشارة أنها المستثمر الأول والحقيقي في المجال الرياضي ففي سنة 2019 ضخت الدولة ما يقارب 350 مليار درهما كما وزعت الوزارة الوصية غلافا ماليا يقارب 892 مليون درهما على الجامعات الرياضية.
وهناك الحركة الرياضية والأولمبية ومن خلال تقاريرها المالية يتضح أنها تستنزف أموال الدولة بشكل يصل إلى 90 % من ميزانياتها وهذا راجع لعدم قدرته على خلق وصناعة منتوج رياضي يتوفر على العناصر المتكاملة للجودة. أي أنه ما زال يغوص في الهواية.

بالإضافة إلى الجماعات الترابية البالغ عددها ما يقارب 1503 بالمغرب إلا أن حضورها على الصعيد الرياضي جد ضعيف والرياضة ليست أولوية في أجندتها السياسية

وأخيرا المؤسسات الخاصة وتدخلها يتم في الغالب عن طريق الاحتضان والاستشهار أو في مجال تنظيم الفعاليات الرياضية، وما يعاب عليها أنها في النادر ما تقوم بمبادرات من خلال القيام باستثمارات هامة في المجال الرياضي أو خلق تظاهرات، بقدر ما تكتفي بانتظار ما تجود به الدولة من صفقات عمومية، علما أنها خلال فترة الحجر الصحي عانت الأمرين. وفضلت الانسحاب بهدوء من المجال الرياضي.

لنخلص بأن الديناميكية الهامة التي خلقها الإنجاز الرياضي يجب أن تستغل أحسن استغلال بتنمية الوعي لدى المسؤولين عن الشأن الرياضي بالقدرة الرهيبة للرياضة على توحيد المغاربة وإضافة جرعة قوية للإحساس بالمواطنة وبكونها ليست مجرد لهو وترفيه، فالوقت حان لخلق اقتصاد رياضي حقيقي تكون أثاره إيجابية على الحقل الرياضي وفاعليه وعلى المواطن المغربي في نهاية المطاف.

[1] أستاذ باحث في إدارة المنظمات الرياضية

زر الذهاب إلى الأعلى