أبرز ثلاث نسخ مميزة من كأس أفريقيا عبر التاريخ

أبرز ثلاث نسخ مميزة من كأس أفريقيا عبر التاريخ
حجم الخط:

منذ انطلاقتها سنة 1957، فرضت بطولة كأس الأمم الأفريقية نفسها كأحد أبرز المواعيد الرياضية في القارة السمراء، لما تحمله من تنافسية عالية، وإثارة دائمة، ودور محوري في إبراز المواهب الأفريقية على الساحة الدولية.

انطلقت البطولة بمبادرة من الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، بهدف توحيد الكرة بالقارة وتعزيز هويتها الرياضية، وشاركت في نسختها الأولى ثلاثة منتخبات فقط هي: مصر، السودان، وإثيوبيا، بينما أُقصيت جنوب أفريقيا آنذاك بسبب سياسة الفصل العنصري.

ومع مرور السنوات، تحولت كأس أفريقيا إلى منصة كبرى لصناعة النجوم وبروز مدارس كروية مختلفة، وأسهمت في إعادة تشكيل ملامح اللعبة داخل القارة وخارجها.

نسخ غيّرت مسار كرة القدم الأفريقية

رغم غنى تاريخ البطولة بالمحطات البارزة، إلا أن بعض النسخ تركت أثرًا عميقًا تجاوز حدود التتويج والنتائج، لتُحدث تحولات حقيقية في هوية الكرة الأفريقية. وتبرز ثلاث نسخ على وجه الخصوص كمنعطفات حاسمة: 1986، 2012، و2019.

1986 | صعود المدرسة التكتيكية وسيطرة الشمال

احتضنت مصر نسخة 1986، والتي شكّلت نقطة تحوّل في تاريخ الكرة الأفريقية، خاصة في ظل هيمنة منتخبات غرب ووسط القارة آنذاك بأسلوبها القائم على القوة البدنية والمهارات الفردية.

قدّمت هذه النسخة نموذجًا مغايرًا، تمثّل في بروز المدرسة التكتيكية لشمال أفريقيا، حيث اعتمدت منتخبات مثل مصر والجزائر والمغرب على الانضباط الدفاعي والتنظيم الجماعي، ما غيّر فلسفة اللعب السائدة.

وشهدت البطولة تألق أسماء وازنة من قبيل محمود الخطيب، طاهر أبو زيد، ربيع ياسين، لخضر بلومي، وعزيز بودربالة، كما فتح تتويج مصر باللقب الباب أمام حقبة من الهيمنة العربية امتدت إلى تسعينيات القرن الماضي.

ويمكن اعتبار نسخة 1986 لحظة ميلاد الاحتراف الأفريقي الحقيقي، إذ بدأت الأندية الأوروبية تلتفت بقوة إلى المواهب القادمة من القارة.

2012 | زامبيا تكتب القصة الأكثر إنسانية

تُعد نسخة 2012، التي أُقيمت في الغابون وغينيا الاستوائية، من أكثر نسخ كأس أفريقيا تأثيرًا على المستوى الإنساني والرمزي، بعدما توّج منتخب زامبيا باللقب في قصة تجاوزت حدود كرة القدم.

عاد المنتخب الزامبي إلى الغابون، حيث تحطمت طائرة جيله الذهبي سنة 1993، ليُتوّج بالكأس على نفس الأرض، في مشهد درامي جسّد المعنى الحقيقي للإصرار والوفاء.

كما شهدت هذه النسخة نهاية هيمنة الكبار، خصوصًا منتخب مصر المتوَّج باللقب ثلاث مرات متتالية قبلها، والذي فشل في التأهل، إلى جانب خروج مبكر لمنتخبات وازنة مثل الكاميرون والجزائر والمغرب.

بعد هذه النسخة، اكتسبت منتخبات غير تقليدية جرأة أكبر، مؤكدة أن كرة القدم الأفريقية لم تعد حكرًا على أسماء بعينها، وأن المفاجآت ممكنة في أي لحظة.

2019 | أفريقيا تدخل عصر الحداثة

مثّلت نسخة 2019، التي استضافتها مصر، انتقال الكرة الأفريقية إلى مرحلة جديدة من الاحتراف والتنظيم، ولم تكن مجرد بطولة عادية.

لأول مرة، عرفت المسابقة مشاركة 24 منتخبًا، ما وسّع قاعدة التنافس ومنح فرصًا إضافية للمنتخبات الصاعدة، إلى جانب زيادة عدد المباريات والاهتمام الإعلامي.

كما شهدت البطولة اعتماد تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) ابتداءً من ربع النهائي، في خطوة وضعت أفريقيا في مسار واحد مع كبرى البطولات العالمية.

وعكست النسخة تطورًا لافتًا في مستوى الاحتراف، إذ ضمّت أغلب المنتخبات لاعبين محترفين في أوروبا، إلى جانب فرق متخصصة في التحليل البدني والتغذية والإعداد الذهني، فضلاً عن نقل تلفزيوني عالي الجودة.

أثبتت كأس الأمم الأفريقية، عبر تاريخها، أنها ليست مجرد مسابقة كروية، بل فضاء لصناعة التحولات، وإعادة رسم ملامح الكرة بالقارة السمراء.

ومع اقتراب نسخة 2025، تترقب الجماهير محطة جديدة قد تحمل مفاجآت غير متوقعة، سواء بظهور نجوم جدد، أو تغييرات تكتيكية لافتة، أو أبطال غير مرشحين، لتواصل أفريقيا كتابة فصول جديدة من الإبداع الكروي.

0 تعليقات الزوار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع

اترك تعليقاً