في أعقاب المواجهة الودية التي جمعت المنتخب المغربي بنظيره التونسي، خرج الناخب الوطني وليد الركراكي بتصريحات حاول من خلالها تهدئة الأجواء، مشيدًا بجمهور مدينة معينة، ومبررًا الأداء المتواضع خلال الشوط الأول بإرهاق اللاعبين في نهاية موسم طويل وشاق.
لكن ما لم ينتبه إليه الركراكي، أو تجاهله عن قصد، هو أن الجمهور المغربي لم يعد ذلك المتلقي السلبي للتصريحات الجاهزة. جمهور “الأسود” اليوم أصبح أكثر وعيًا، أكثر تشبثًا بالمحاسبة، وأكثر جرأة في طرح الأسئلة المحرجة: لماذا لم يكن المنتخب في المستوى خلال شوط كامل؟ لماذا بدا الأداء باهتًا، خاليًا من الحماس، وكأن المباراة تؤدى فقط من باب الواجب؟
تصريحات بلا تغطية تكتيكية
تصريحات الناخب الوطني لم تُجب عن أسئلة فنية واضحة: أين كانت الحلول التكتيكية؟ لماذا لم يتم تدارك الخلل في بعض الخطوط ؟ هل يعقل أن يعاني منتخب بحجم المغرب من قلة الفعالية أمام منتخب تونسي استعدّ بنفس الظروف وربما أكثر قسوة؟ هل الإرهاق مبرر كافٍ بينما التونسيون أيضًا قادمون من موسم شاق، ومن دوريات تنافسية مختلفة؟
الركراكي، الذي اعتاد مخاطبة مشاعر الجماهير والإعلام بالرمزية الوطنية والروح القتالية، مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن يقدّم تشخيصًا صريحًا وموضوعيًا لكل إخفاق أو تراجع، سواء في المباريات الودية أو الرسمية. فالجمهور المغربي الذي يملأ المدرجات، ويشد الرحال من مدن الداخل والخارج، لا يبحث عن كلمات مهدّئة، بل عن أداء مقنع، وخطط واضحة، وقرارات مبنية على الحِكمة الكروية لا على المجاملات.
الشكر لا يكفي… التوضيح واجب
أما مسألة شكر جمهور مدينة معينة دون الإشارة إلى باقي ربوع المملكة، فهي نقطة أخرى لم تمرّ دون ملاحظة. الجمهور المغربي جسدٌ واحد، ونبض جماهيري لا يعترف بالحدود الجغرافية. من طنجة إلى الكويرة، ومن وجدة إلى الدار البيضاء، ومن باريس إلى مونتريال، يأتي المغاربة لمساندة المنتخب لأنهم يرونه مرآة لهويتهم، لا لأنه يزور مدينتهم.
في انتظار ما هو أعمق
نقد الأداء لا يُقلل من قيمة الركراكي كمدرب صنع التاريخ، لكنه يُذكره بأن المجد لا يُؤكل باردًا، وأن الحساب لا يكون على النتائج فقط، بل على ما يُبنى في الكواليس من عمل تقني، اختيارات بشرية، وتحليل موضوعي للثغرات.
في النهاية، نُذكّر أن التقدير لا يعني الصمت، وأن النقد لا يعني الجحود. وإنما هو حق مشروع لجمهور يطالب فقط بالحقيقة، ويتوق لمنتخب لا يكون حاضرًا فقط في البطولات الكبرى، بل في كل مباراة، كل شوط، وكل دقيقة لعب.



















