متى يستفيق وليد الركراكي من وهم “المدرب المنقذ”؟

وليد الركراكي
حجم الخط:

هبة سبور-عمرو البوطيبي

في خضم التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الناخب الوطني وليد الركراكي، والتي حملت نبرة “إيغو” غير مسبوقة، يحق للجمهور المغربي أن يطرح سؤالًا مشروعًا: إلى أين يسير المنتخب الوطني تحت قيادة مدرب يرى في نفسه الخيار الأوحد، ويتصرف وكأن الاستحقاقات الماضية لم تكشف محدودية خططه ولا ارتباكه التكتيكي في المواعيد الكبرى؟

ثقة مفرطة أم غطرسة؟

عندما يخرج مدرب منتخب وطني في ندوة صحفية ليتحدث وكأن لا بديل له، وكأن المغاربة مدينون له بإنجاز لم يكن ثمرة عبقريته الفردية، بل نتاج عمل جماعي وحظٍّ استثنائي في مونديال قطر، فإن الأمر يدعو للقلق. مثل هذه التصريحات لم تصدر لا عن كارلو أنشيلوتي مع ريال مدريد، ولا عن بيب غوارديولا مع مانشستر سيتي، فكيف تصدر عن مدرب لا يزال في بداية مشواره الدولي؟

“كان” ساحل العاج: إخفاق في الأداء والرؤية

في كأس أمم إفريقيا الأخيرة بساحل العاج، لم يُقدّم المنتخب المغربي ما يشفع له في الترشح للقب. ظهر الفريق مفككًا: فشل تكتيكي في مواجهة جنوب إفريقيا، غياب حلول بديلة أمام موريتانيا، وتذبذب في الأداء أمام منتخبات متواضعة على المستوى القاري. الركراكي، الذي طالما تحدث عن “الهوية” و”الروح”، بدا عاجزًا عن قراءة مجريات المباريات، مكررًا خطة واحدة أصبحت مكشوفة للجميع.

أخطاء الأولمبياد: توجيهات تُفقد الفريق الانتصار

الإحباط بلغ ذروته خلال مواجهة إسبانيا في الألعاب الأولمبية، حين أُجبر اللاعبون على التراجع بشكل غير مبرر، في وقت كانت فيه الكفة تميل لصالح المنتخب المغربي. توجيه غير مدروس، كلف الفريق نصرًا تاريخيًا. فهل هذه القيادة التي يطمح إليها الجمهور المغربي؟

ما بعد قطر: أين الخطة؟

اليوم، لا يبدو أن المنتخب المغربي يستعد لـ”الكان” القادمة برؤية فنية واضحة أو أداء جماعي مقنع. ما يُعوّل عليه هو تألق بعض الأسماء الفردية في لحظات الحسم، كما حدث في قطر. أما من الناحية الجماعية، فغياب البدائل وانعدام التطوير في النهج التكتيكي أصبحا سمة متكررة.

بروز إعلامي أم قيادة وطنية؟

ما زاد الوضع تعقيدًا هو ظهور الركراكي في برامج إعلامية أجنبية مثل “تشيرينغيتو”، متصرفًا كأنه نجم عالمي. وهنا تُطرح تساؤلات مشروعة: هل يسعى المدرب إلى البروز الشخصي أكثر من التفرغ لقيادة المنتخب؟ وهل يدرك أن المنتخب الوطني ليس منصة لتضخيم الذات، بل مسؤولية وطنية؟

خاتمة: المنتخب أكبر من الأنا

المنتخب المغربي يستحق مدربًا يتواضع أمام الكرة قبل أن يتحدث عنها. مدربًا يقود مشروعًا جماعيًا، لا مسيرة فردية نرجسية. فالبطولات تُصنع بالعقل والتكتيك، لا بالتصريحات المتعجرفة أو الثقة المفرطة. وعلى الركراكي، إن أراد النجاح والاستمرار، أن يبدأ بمراجعة الذات، لا مهاجمة الأسئلة أو النقد.