عمرو البوطيبي – هبة سبور
أثار النقاش الدائر في الأوساط الرياضية المغربية جدلاً واسعًا حول حدود النقد وشرعيته، بعد أن صرح مدرب المنتخب الوطني وليد الركراكي في ندوته الصحفية بأن بعض الانتقادات الموجهة إليه تصدر من أشخاص “يشربون أتاي”، في إشارة فُهمت من طرف عدد من المتابعين على أنها تقليل من قيمة رأي المواطن البسيط.
هذا التصريح، وإن جاء في سياق حماسي، فقد فتح الباب أمام تساؤلات جوهرية: هل من حق الجمهور “العادي” أن ينتقد أداء المنتخب؟ وهل حب الكرة وحق النقاش يرتبط بالمستوى الاجتماعي، أو نوع المشروب، أو الخلفية الثقافية؟
الحقيقة أن كرة القدم، كما اتفقت عليها الشعوب، هي الرياضة الأكثر شعبية في العالم لأنها تجمع الغني والفقير، القروي والمدني، المتعلم والأمي، حول شغف موحّد لا يعترف بالطبقات. ومن هذا المنطلق، فإن حق إبداء الرأي ومناقشة الأداء الفني لأي منتخب هو جزء من طبيعة اللعبة نفسها، بل ومن أهم ركائز تطورها.
صحيح أن وليد الركراكي حقق إنجازًا تاريخيًا في مونديال قطر 2022، حيث احتفى به المغاربة والعرب على حد سواء، لكن هذا لا يعني أن النقد ممنوع أو أن المساءلة سُحبت إلى الأبد. فحين سقط المنتخب أمام جنوب إفريقيا في نهائيات كأس إفريقيا، كان من الطبيعي أن ترتفع الأصوات بالملاحظات والنقد، وهي أصوات لم تأتِ من خصوم، بل من جمهور يؤمن بقدرة المنتخب ويطالب بالمزيد.
وفي السياق العالمي، لا يُستثنى أي مدرب من النقد، مهما بلغت شهرته أو إنجازاته. فحتى أسماء بحجم بيب غوارديولا، وزين الدين زيدان، وكارلو أنشيلوتي، وُضِعوا تحت المجهر، وتعرضوا لمراجعات حادة من الإعلام والجمهور على حد سواء، دون أن يُنظر إلى هوية الناقد أو مشروبه المفضل.
الخلاصة: احترام آراء الجماهير، بمختلف فئاتهم، هو جزء من احترام كرة القدم نفسها. والمنتخب الوطني، في نهاية المطاف، ليس ملكًا لمدرب أو لاعب، بل هو ملك لجميع المغاربة، من شربوا “عصير لاڤوكا”، أو اكتفوا بـ”كأس أتاي”.



















